Thursday, April 12, 2007

آثار القلاع المحصنة و الملاجئ الكهوفية بأوراس

The fortresses and refuges in Aures
By زهير بخوش Zoheir Bekhouche
Source : Revue kahina 1995

تمهيد حول العمارة البربرية
رغم ما قيل من افتراضات عن العمارة المحلية القيمة للبربر و بمفهومها الشامل عمارة مدنية ، دينية ...فإنها لم تصل إلى درجة الوضوح واليقين ، بحيث لم تتعدى الدراسات والبحوث في هذا المجال نطاق دراسات آثار ومعالم العمارة الجنائزية فقط والمتمثلة قي القبور الميقاليتية والأضرحة الملكية ، التي تأكد الكل من وحدتها الثقافية رغم إنتشارها الجغرافي الواسع عبر كل مناطق بلاد البربر القديمة بغفريقيا الشمالية .
ونظرا لإنعدام الابحاث المتخصصة والمعمقة ، تبقى مسألة عمران البربر قديما يكتنفها الكثير من الغمض ، فمسكن قترة قجر التاريخ لم يتم تعريفه وتحديد خصائصه إلى وقتنا الحالي ، ويتفق معظم الباحثين على أن البربر القدماء ،قد إتخذو من المغارات والكهوف(troglodytes) والملاجئ الخرية ماوي ومساكن لهم، وهذا ما نجد الإشارة إليه وذكره في بعض النصوص التاريخية القديمة ، كما أننا نلاحظ ديمومة وإستمرارية هذا النوع من الإستقرار البشري إلى فترة ليست بالبعيدة عنا ، مثل كهوف نفوسة بليبيا ومطماطة بتونس وكهوف أوراس ونجدها منتشرة غربا حتى جزركناري بالمحيط الأطلسي ، و التي يطلق عليها إسم أفران
( جمع إفري) أي المغارة او الكهف قد إتخذت العديد من الأقوام البربرية هذه التسمية كإسم لها مثل ايت يفران ، وربما كانت كذلك أصل تسمية إفريقيا كما يعتقد كشير من المؤرخين .
ويرى الباحث والمأرخ كامبس إحتمال إستقرار البربر بهذه الملاجئ الكهوفية إبتداءا من الفترة النيوليتية وفجر التاريخ .ويضيف كذلك الى إتخاذهم (البربر) وإستغلاللهم لبعض المواقع المنيعة التي تتواجد في بعض المكناطق الجبلية على قمم الصخور والمرتفعات في بناء مراكز وتجمعات سكانية و التى أكتشفة أمثلة منها في العديد من الأماكن بالكتلة الأ وراسية ،تكون عادة صعبة الوصول أليها لكونها محصنة طبيعياعن طريق الأجراف و الهواة العميقة التي تحيط بها من كل الجهات ، وفي بعض الأحيان يبنى سور دفاعي من الجهة التي لا توفر حماية ومناعة للموقع مثلما هو الأمر باشوقان .
و الجدير بالذكر أن هذه المواقع تنتشر بكثرة عبر كل مناطق الكتلة الأوراسية خاصة بعمقها الجبلي الذى يعتبر بمثابة حصن طبيعي منيع نظرا لتكوينه الجيولوجي المتمثل في كثرة مرتفعاته التي تنتهي بمنحدرات شديدة ذات الصخور والقمم الشاهثة العلو والمناعة الطبيعية والهواة و المضايق والفجاج ...ويطلق سكان المنطقة على هذه الموا قع تسمية تيقلعين أي القلاع وغالبا ما ترتبط هذه التسمية بنسبتها إلى القبيلة أو العرش مالك القلعة .وعلى سبيل المثال نذكر: ثاقلعيت ناث لموش ( قلعة اللمامشة ) الواقع بشرق الكتلة الأوراسية مع مسار واد بني بربار بجبل ششار. والملاحظ أن هذه تشيد أساسا لأغراض إقتصادية وإجتماعية أكثر منها دفاعية أو حربية . فهي تعبر عن تجسيد لنظام إقتصادي محلي يتمثل في الإدخار و الإحتيط ليوم الحاجة منة المحاصيل الفلاحية من مزروعات و فواكه وحبوب جافة بالإضافة كذلك إلى عدة مؤن أخرى مثل العسل و السمن و الصوف ...ومن الناحية الإجتماعية فهي ترمز إلى وحدة القبيلة وإلى مختلف العلاقات بين أقرادها والحفاظ على نسبها ونلسها ذلك إن كل أسرة منها تملك حيزا أو مكانا خاصا بها تدخر فيها مؤونتها إلى حين عودتها من رحلة الشتاء ، أين تستقر بالحدود الجنوبية للكتلة الأوراسية المتاخمة للصحراء وبعد هذه الإقامة الشتوية تعود إلى موطنها الأ م ( القرية ) ومن هنا يمكننا ملاحظة الدور الإجتماعي الذي تلعبه القلعة الأوراسية في ربط الأسرة بقبيلتها الأم وقريتها الأصل .
لكن الأمر الذي أثارإنتباه معطم الباحثين الذين جابو الكتلة الأوراسية طولا وعرظا .
في إطار حملات الأبحاث العلمية خلال القرن الماضي تلك القلاع المنيعة و المنعزلة ، التي تشبه إلى حد كبير قلاع الإقطاعيين الأوروبية خلال القرون الوسطى . والتي تختلف في تنظيمها الهيكلي ومخططها عن طريق القبائل الأوراسية الحالية ،.فهي تمثل وحدة سكانية كاملة ، أي مركز تجمعي سكني تام بجميع عناصره الأساسية ( المعمارية ) وهذا عكس ما نلاحظه لدى القلاع المذكورة سابقا المتكونة أساسا من حجر أو غرف للتخزين ضيقة وصغيرة الأبعاد لا تصلح للإقامة أو التحصن بها .
وعلى هذا الأساس يري أغلب الباحثين الذين زاروا هذه المواقع ، أنها كانت ذات دفاعي حربي . نظرا لحصانتها ومناعتها وصعوبة منافذها ، مما يسهل عملية الدفاع عنها .ويطلق السكان على هذه المواقع تسمية )أهنشير أو أشير( ومعناها الخراب أو بقايا لأثار البنايات والتشيدات القديمة التي هجرة بالإظافة إلى عدم احتفاظ ذاكرتهم بأهم الأخبار والتفاصيل التي تتعلق بمنجزي هذه القلاع وتاريخها ، وكل معلوماتهم عنها،هي أنها شيدت من طرف أسلا فهم الأولين أثناء فترة التواجد الروماني للجوء إليها والتحصن بها أثناء الحروب .وفي بعض المناطق تنسب إلى الرومان .وفي مناطق أخرى تنسب إلى ملكة أوراس الكاهنة .
وقد إرتبطت كذلك هذه المواقعى بالعديد من الأساطير و الخرافات ، مثل تلك التي تثول بأنها كانت مأوى الجهال ( العماليق) و الجن وحتى أقوام ومخلوقات مجنحة .
ومما لاشك فيه هو قدم هذه المواقع الدفاعية المنيعة بالرغم من الإختلاف و التناقض وحتى تجاوز الصواب والمنطق في بعض الأحيان فيما يتعلق بمفهومها أو تفسير تواجدها لدى الكثير من العامة ، بل بالعكس أننا نرى في ذلك تدعيما وتأكيدا على قدمها وعراقتها في التاريخ ، ولا نعتبر القلاع الحالية المعروفة الهوية سوى إستمرار لتقاليد أصلية لدى سكان المنطقة منذ القدم
غير أن هذه المواقع ومنذ إشارة بعض الباحثين إليها في بعض المقالات و التقادير ، فإنها لم تعرف ولم تشهد الدراسة و التنقيب و البحث المعمق و المنهجي لإبراز أهميتها والتي يمكن أن تعوض إلبى حد منا من نقص
المصادر التاريخية ، وهذا بإعتبارها من ضمن البقايا الأثرية الممادية التي يمكننا تسليط الأضواء على جوانب كثيرة وعدة ،وتزويدنا بمعلومات هامة من تاريخ الأقوام البربرية التي إعتصمت بالكتلة الأوراسية ، كما تسمح لنا بمعرفة بعض جوانب البيئة السياسية و الإجتماعية و الثقافية لهذه الأقوام عبر مختلف العهود التي مرة بها المنطقة .
1- الإنتشار الجغرافي للمواقع الدفاعية الأوراسية :
الملاحظة الميدانية الهامة التي يجدر بنا الإشارة إليها هي تلك التي تتعلق باللإنتشار الجغرافي لهذه المواقع ( هناشير القلاع المحصنة والدفاعية )، فباستثناء المواقع المنيعة الواقعة جنوب سلسلة أحمر خدو ، مع مسار وادي مسرور بالجزء الغربي للكتلة الجبلية الأوراسية ( جمينة، رومان، أم الجبال ،تابنطوط) ، ورغم التحريات والزيارات العديدة التي قمنا بهافإننا لم نعثر على أي أثر لهذا النوع من المواقع بالنسبة لهذا القطاع الجغرافي بالكتلة الأوراسية .
وبالمقابل فقد لاحظنا أن بقايا وا ثار هذه المواقع المحصنة تتواجد وتنتشر بكثرة عبر كل جهات المنطقة الشرقية للكتلة الأوراسية ، ونذكر على سبيل المثال قلاع : الجحفة ، الشابور ، الشطاية ، الفج بالكتلة الجبلية المجاورة لمنطقة خنشلة . فظلا على قلاع : تاغيت ، تيزقريرين ، كونترو ، خيران ..
بمنطقة جبل ششار بسلسلة جبال أوراس اللمامشة .
معظم هذه المواقع قمنا بزيارتها ، وذلك لأخذ نظرة شاملة لها ولغرض المعرفة المباشرة لخصائص مواقعها واثارها الباقية ونظرا لسعة المو ضوع حاولنا أن نجمع بعدة معطيات ميدانية لكن لإستحالة دراسة هذه المواقع التي زرناها فقد تناولنا بعض النماذج منها فقط معتمدين على منهجية معينة في دراستها الميدانية ، ومحاولين الإلمام بمختلف ميزاتها وخصائصها وتحديد أوجه التشابه والإختلاف بينها ، والتي ربما تؤدي إلى إستنتاجات جد هامة لموضوع بحثنا هذا .
2- المواقع الدفاعية بمنطقة جبل ششار :
أ- جغرافية جبل ششار :
تطلق تسمية منطقة جبل ششار على الكتلة الجبلية الممتدة جغرافيا باتجاه غرب الكتلة الأوراسية الشرقية ( أوراس اللمامشة ) والمحصورة بين وادي بجر – بني بربار شرقا وواد العرب غربا ، الذي يعتبر الحد بينها وبين سلسلة جبال بني ملول .
ما يميز هذه المنطقة على الخصوص هو وفرة مجاريها المائية طوال السنة والمتمثلة في واد بجر- بني بربار ، واد فروج ، واد جلال ، وواد العرب ، التي كانت خلال العهود الجيولوجية الغابرة السبب في تكوين العديد من المضايق و الفجاج والأخاديد الطبيعية مثل فم تاغيت وسيار وخنقة سيدي ناجي ... مما جعلها تكسب مناعة طبيعية خاصة من جهاتها الثلاث ،الشمالية والشرقية والغربية ، المتمثلة في الصخور المنتصبة )الكيفان(، والمنحدرات الشديدة والوعرة والمرتفعات ذات العلو الشاهق . وبا لإضافة إلى وفرة مجاريها المائية ومناعتها وحصانتها الطبيعية إنها تمثل منطقة إستراتيجية هامة ، فهي تشرف بمرتفا عاتها على جميع المناطق المجاورة لها ، وعلى إمتداد الشاسع وأفاق بعيدة جدا .
كل هذه الميزات و الخصائص جعلت من منطقة جبل ششار نقطة إستقطاب وإستقرار السكان القدماء ، وتشييد العديد من المراكز العمرانية والقلاع المحصنة بقمم الصخور المرتفعات الوعرة، مازالت أثار ونقايا هذا العمران القديم قائمة تشهد على ذلك .
ب- ملاحظة حول الخريطة الأثرية لجبل ششار :
فيى الحقيقة لم يكن هدفنا القيام بعملية مسح وتحري أثري شامل لمنطقة جبل ششار، أولإعداد وتحضيرأطلس أثري لها ، لأن الغرض الأساسي لهذا البحث كان الدراسة الميدانية للمراكز و المواقع المحصنة لا غير ، لكن عند زيارتنا لها إرتأينا معاينة وتحري المنطقة في العديد من الجهات ، وفحص فضائها وخريطتها الأثرية لعلنا ربما نصل إلى وجود علاقة بين هذه المواقع والمراكز ، مع تنظيم المحيط الطبيعي و الأراضي المحيطة بها ، وقد إعتمدنا في ذلك على الأطلس الأثري ل ( قزال ) والدراسة التاريخية التي قام بها ( ماسكو راي ) خلال القرن الماضي باللإافة لإلى أعمال (بيلري بانت ) الذي إهتم بأعمال الري والهيدروغرافية بهذه المنطقة خلال الفترة القديمة . ففيما يتعلق بعمل الباحث قزال ، فإن الجرد الذي قام به للمواقع الأثرية المتواجدة بالعديد من المناطق بهذا القطاع الجغرافي ، قد أهمل الإشارة إلى الكثير منها ، ويعود ذلك إلى جهلة للمنطقة وعدم معرفته الميدانية لها ، فكل ما قام به هو عملية جرد لبعض المواقع فقط من خلال المواقع التي نشرها الباحث ( ماسكو راي ) في العديد من مقالاته بالإضافة إلى معلومات بعض ضباط مصلحة الطبوغرافية ( الجغرافية العسكرية ) أثناء إعدادها لخريطة الكتلة الأوراسية بالقرن الماضي .
أما الباحث ماسكو راي فكانت تحرياته الأثرية للمنطقة الكلاسيكية القديمة أي أن كل إهتماماته كانت منصبة على إكتشاف الكتابات الأثرية و على دراسة آثار المنجزات العمرانية المبنية بالحجارة المنحوتة ( الرومانية ) ، ثم إنسابها مباشرة إلى مخلفات الحضارة الرومانية بدون أي أدلة أو براهين مقنعة في بعض الأحيان ( ونفس الملاحضة نقولها بالنسبة لأعمال بيريبانت )بالإضافة إلى إعطائه أهمية كبرى للقصص والحكايات الشعبية ، وإعتماده المبالغ فيه عليها ، في تحاليله ودراساته لتاريخ المنطقة في القديم . ولاحظنا إهماله للعديد من المواقع الأثرية ، التي لا تتوفر بقاياها على الحجار المنحوتة ، أوالتي لم تبن بتقنيات رومانية ولهذا السبب فإننا نرى عدم الإعتماد الكلي على الملاحظات التي لا تعط صورة دقيقة وصادقة للمظهر العمراني البذي كانت عليه المدينة قديما . وقد كانت أعمال ماسكو راي المرجع الأساسي لعمل قزال في جرد المواقع الأثرية لهذه المنطقة بأطلسه الأثري .
3- أمثلة من المواقع المجهولة تماما في السابق:
تزخر منطقة جبل ششار بالعديد من المواقع الأثرية ( المحلية والرومانية ) و التي لاحظنا أنها كانت بشكل مكثف مع طول ضفاف مسار واد بجر – بني بربار ، إبتداء من فم تاغيت ( الراخوش ) حتى قرية العامرة أي على إمتداد مسافة حوالى 20 كلم . حيث تشهد البقايا الأثرية لمنجزات عمرانية مبنية بتقنيات رومانية ( تقنية البناء بالحجارة المنتظمة و التقنية الإفريقية ) بالإضافة إلى كثرة بقايا معاصر الزيتون ، وكذلك الكتابات الاتينية ...، على هذه المنطقة كانت تشهد نشاطا حيويا ومكثفا أثنافترة التواجد الروماني بها وهي الملاحظة التي مازالت عالقة في ذاكرة سكان هذه المنطقة ، فيما يخص وضعها الإقتصادي والفلاحي في القديم . ويرى ماسكو راي قي إنتشار زراعة أشجارالزيتون وصناعته بهذه المنطقة حاليا من التقاليد التي تعود إلى فترة التواجد الروماني و التي ورثها سكان المنطقة .
و الملاحظة الوحيدة و الهامة التي نريد أن نلمح إليها ، هي أن كل الباحثين الذين جابو المنطقة لم يشيرو إلى وجود البقايا الأثرية التي عثرنا عليها في شمال قرية مزين وبالتحديد بقمة صخرة ثافخسيت بمضايق الراخوش بعد إجتياز فم تاغيت. وبعد معاينة المواقع إتضح لنا بأنها ليست سوى بقايا لموقع دفاعي
( قلعة محصنة ) ، لا ينفذ إليها سوى من جهة واحدة وهي محاطة بصور حصين مبني بالحجارة الضخمة كما تشهد آثار بعض أجزائه على ذلك ، وقد تمكنا من معرفة وتحديد أسسها ( القلعة )المبنية بالحجارة الضخمة والمنحوتة نسبيا ، أما جدرانها الداخلية والتي تفصل بين السكانية فهي مبنية تتقنيات ذات طابع محلي ( الحجارة الطبيعية ) ورغم إنعدام الكتابات الأثرية بهذا الموقع ( في الوقت الحالي) إلا أننا تأكدنا من قدمه بدليل الإنتشار الواسع لشقف الفخار الروماني من نوع السيجلي مع الفخار المحلي ، على سطح هذا الموقع و المنطقة المجاورة له .
ومن الملاحظات التي أشار إليها مسكوراي هي إنعدام القبور البربرية ( المحلية ) بهذا القطاع الجغرافي لمنطقة جبل ششار ، ويمكن لأي منا التأكد من خطأ هذه الملاحظة وذلك بوجود العديد من القبور البربرية ( تلال حجرية ذات الشكل الهرمي والمستدير ) الواقعة بإحدى الربوات المرتفعة شرق قرية مزين وبالظبط بالقرب من العين الرومانية ( على بعد حوالي 200متر منها شرقا ) والتي يطلق عليها سكان المنطقة إسم تناغيولت ، وقد تمكنا من العثور على قطعة نقدية برونزية بإحدى هذه القبور إستطعنا معرفتنا فيما بعد ، بأنها تعود إلى الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول( بداية القرن الرابع 4م)
د- الملاجىء الكهوفية ( تاغيت - زاوية بني بربار ):
ما يشهد الإنتباه ويثير الإندهاش حقا هو اشار تلك الملاجىء الكهوفية وهي عبارة من بنايات دفاعية ذات طابع محلي شيدت بمنتصف الصخور ( الكيفان ) المنتصبة والمنيعة ، فهي عكس القلاع المحصنة التي تشيد باعلى القمم المسطحة للكنل الصخرية المنفصلة عن محيطها بواسطة هواة وشعاب عميقة وفي غاية الصعوبة ، وهناك يمكن الإختلاف بين هذه المواقع الدفاعية ولقد إستغل قدماء البربر الميزة الجيولوجية لتكوين الصخور المحيطة بوادي بجر - بني بربار من الضفتين الغربية والشرقية وأقامو عدة مواقع منيعة لهم ، بحيث يكون الصعود إليها في غاية الصعوبة و مستحيلا في مواضع أخرى وتتمثل هذه الميزة قي الأخاديد الطبيعية المنحوتة في الصخر على شكل فجوات داخلية ومتوازية منتشرة على طول هذه الصخور الممتدة بين تاغيت وقرية زاوية بني بربار . وما يميز معظم هذه البنايات هو إقامتها على إرتفاع وعلو شاهق مما يجعلها في غاية المناعة و الحصانة بحيث يتعذر الوصول إليها سواء من أسفل الصخرة أو من أعلى قمتها لأن مشيديها كانو قد إختاروا لبنائها تلك الفجوات المتواجدة بمنتصف علو الصخرة التي يفوق إرتفاعها في بعض المواضع 100 متر والشيء الملاحط عند أسفل هذه الصخور مباشرة هو التواجد الكثيف لبقايا شقف الفخار المحلي و الروماني .
هـ - القلاع المحصنة ( تيزقررينه وكونترو ):
وهي تتواجد بالعديد من العديد من الجهات بهذه المنطقة لكن أهمها على الإطلاق هي قلعة تيزقررين وقلعة كونترو الواقعة على بعد حوالي 3كلم غرب قرية العامرة وواد بني بربار ( الشكل رقم 16)
تيزقررين: هذا الموقع المنيع عبارة عن جرف طبيعي عظيم منتتصب وكأنه جدار صخري شاهق
العلو وقد بني قديما بسفحه قرية ذات طابع محلي تعرف بنفس الإسم ( تيزقررين ) مازالت اثارها وبقايا أسس وجدران وحداتها السكنية قائمة ليومنا هذا وهي تتميز بإنعدام التخطيط المنتظم وتراصها إلى بعضها البعض .
ويمتد موقعها غرب المنخفض الوعر و المحمي طبيعيا بالإجراف المحيط به على طول مساحة حوالي 600 متر طولا و100 متر عرضا ونشير إلى وجود بقايا لأثار بنايات رومانية مجاورة لها ( يصعب تحديد وضيفتها ) وكذلك إنتشار الفخار الروماني من النوع السيجلي بكثرة بها مع التواجد شقف الفخار المحلي لكن بصورة ونسبة أقل .
أما فيما يتعلق بقلعة تيزقررين فهي عبارة عن قرية محصنة تحتل كل المساحة المصطحة لقمة الصخرة التي تحفها المنحدرات العميقة من كل جهة ، ويبلغ إرتفاعها المئة متر على الأقل . وهي أشبه بتلك التحصينات و الملاجيء المعلقة بالمرتفعات في أوروبا خلال القرون الوسطي حيث لا ينفذ إليها إلا بواسطة المنفذ الضيق الوحيد ، المتواجد بأسفل الصخرة محصورة بين شفتي أو تصدع طبيعي يمتد مع علو وإرتفاع الصخرة إلى غاية بلوغ قمتها ولا يمكن إكتشافه إلا إذا قمنا بالدوران حول الصخرة الى غاية بلوغ قمتها و لا يمكن اكتشافه إلا إذا قمنا بالدوران حول الصخرة من الناحية الغربية و قد قام مشيدي هذه القلعة باستغلال هذا الشق الطبيعي بداخل الصخرة ، فأنجزوا مسلكا متدرجا بعد تهيئة منحدر مائل و ذلك بردم الشق بالتربة ثم رص الحجارة الضخمة داخله وعلى مستوى هذا المنحدر وتكون بذلك رواق يؤدي من أسفل الصخرة إلى قمتها حيث لاحظنا مع نهاية هذا الرواق مباشرة وجود ساحة مسطحة محاطة ببقايا آثار العديد من البنايات والحجارة الضخمة والتي تعتبر كحاجز بينهما وبين مستويات العلوية لسطح هذه الصخرة حيث لا يمكن العبور إليها إلا بواسطة هذه الساحة وذلك بإتجاه نهجين أحدهما يؤدي إلى أعلى مستوى بالقلعة حيث يوجد برج يشرف عليها وعلى كل المناطق الجاورة للموقع أما النهج الثاني فهو يؤدي إلى مركز تجمع سكنات متراصة والمستندة على صور حصين يحيط بالقلعة من كل النواحي حيث تمكننا من ملاحظة حوض لتخزين المياه منحوت داخل الصخر .
2- كونترو : يمكن ملاحظة موقع دفاعي منيع اخر على بعد كيلومترين جنوب شرق تيزقررين والذي لا يختلف في ميزاته ( المناعة والحصانة )عن الموقع الأول ويطلق عليه سكان المنطقة تسمية
( كونترو ) حيث توجد بقايا آثار قديمة لقلعة معلقة بأعلى قمة الصخرة التي تعرف بنفس الإسم . وقد حاولنا الصعود إلى قمتها والبحث عن منفذها ، لكن بدون جدوى لأننا لم نعثر على أثر له ، فكل ملاحظاتنا كانت مأخوذة من أ سفل وسفح الصخرة أين تمكنا من تحديد ومعرفة ميزة خاصة لموقع كونترو فقط ، فهو إلى جانب إحتوائه على قلعة مننيعة بقمة الصخرة ( يمكن مشاهدة آثار سورها الدفاعي ) فإنه يحتوي كذلك على ملاجىء كهوفية داخل طبقات الصخرة المشكلة لجدارها الصخري الوعر والمنيع بالإضافة إلى هذا فقد لاحظنا إنتشارا كثيفا وواسعا ، الفخار المحلي والروماني ( السجلي) على سطح سفح الصخرة وكذلك على كل المساحة التي تربط قلعة تيزقررين وكونترو .
3- المواقع المحصنة بمنطقة جبل أحمر خدو :
1- تمنهيد :
نفس الخصائص الجغرافية والجيولوجية ، التي تتميز بها منطقة جبل ششار ، يمكن إعادتها أو تعميمها بالنسبة لمنطقة جنوب جبل أحمر خدو ( جنوب الكتلة الأولراسية ) التي تتميز هي كذلك بمناعتها وكثرة صخورها الشاهقة وأجرافها الشديدة الإنحدار ومضائقها وشعابها العميقة إلى جانب وفرة مجاريها المائية في العديد من الجهات مما جعلها ملجأ للأقوام البربرية منذ القدم والدليل عن ذلك كثرة مواقعها الدفاعية محصنة . الأمر الذي يشير إلى الإستقرار وتعايش قدما البربر بهذه المنطقة من الكتلة الأوراسية نظرا لميزتها الأمنية المتمثلة في خصائصها الجغرافية والإستراتيجية ( المناعة والحصانة ) وقد تأكدنا من ذلك أثناء زيالرتنا الميدانية لهذه المنطقة التي تحتوي على الألاف من القبور البربرية ( الدئرية) وعلى إمتداد واسع عبر كل مرتفعاتها وربواتها العالية ، في إتجاه شمال جنوب أي من عمق الكتلة الجبلية حتى التخوم الجنوبية الصحراوية ومن خلال بعض العملات البرونزية التي إكتشفت بإحدى هذه القبور والتي تعود إلى الفترة المسيحية يمكن تأريخها ربما إلى أواخر فترة التواجد الروماني إلى غاية العهد البزنطي . ورغم العدد الهائل لهذه القبور المستديرة وإنتشارها الجغرافي الواسع على إمتداد كل المنطقة الواقعة جنوب سلسلة جبل أحمر خدو ، فإننا لم نجد لها أثر . في الأطلس الأثري ولا أي ذكر في الأبحاث و الدراسات الاثارية مثلها مثل العديد من المواقع الأثرية ( المحلية أو الرومانية ) والتي تشهد كثافة عمرانية وإستقرار قديم بها ومن هذه المواقع التي لم يشير إلها أطلس ستيفان قزال نذكر على سبيل المثال :
1- موقع بوتقان
2- موقع شيرملوك - الماثن - ثيزي الأصنام - مهارش
3- موقع أهنشير نتروميت
4- موقع أشارن
5- موقع قلاع سيدي مصمودي ( فريوة - بوعجينة )
6- موقع تابنطوط ( قلعة بربرية واثار رومانية )
وأهم آثار هذه المنطقة على الخصوص هي بقايا المواقع الدفاعية بناحية واد مسرور ( رمان ، جمينة ، تاجمينت ) وقلعة تابنطوط بناحية خنقة لاخرة بالإضافة إلى ناحية بوتقان .
ب - واد مسرور : ( تاقصريت - رمان - تاجمينت )
يمكن ملاحظة بقايا آثار قلعة منيعة للموقع المعروف باسم رومان وهي عبارة عن مجموعة بنايات حصينة ذات طابع محلي متراصة ومستندة إلى بعضها البعض ، ترتكز على منحدر شديد بمنتصف صخرة موقع رومان ، بالإضافة إلى وجود بقايا ربما لبرج مراقبة بأعلى قمة الصخرة ، وهذا قبل الوصول إلى رومان من الناحية الجنوبية ويحمل هذا الموقع إسم تاقصريت .
وبالقرب من موقع رومان توجد آثار ملاجىء كهوفية المعرف باسم ( تاجنينت ) شبيه بتلك المتواجدة بواد بجر - بني بربار ( جبل ششار ) تمتد هذه البنايات الكهوفية عبر الصخر إلى غاية موقع تاجموت وعلى طول مسار واد مسرور .
وخلال معايتنا لهذه المواقع سجلنا الملاحظات التالية :
- وجود آثار رومانية مندثرة بواد مسرور بالقرب من موقع كل من رمان وجمينة ( حجارة ضخمة ومنحوتة وجذوع أعمدة مستديرة )
- مع الإشارة إلى إنعدام الحجارة المنحوتة في بنايات المواقع الدفاعية
- مثل مواقع جبل ششار ، فإن مواقع هذه المنطقة قد شيدت أيضا بمنتصف الصخور المنتصبة وبعمق الأخاديد و التجاويف الطبيعية ، وعلى مستوى يجعل الوصول إليها مستحيلا ( بين 70 و 100 متر )
-تشكل هذه المواقع في بعض المواضع عدة طوابع ( ثلاث ) متوضعة فوق بعضها البعض مباشرة بحيث تفرق قطع خشبية من جذوع الشجر بن مستوياتها .
- إنعدام تام لبقايا أو لاثار الفخار الروماني ، بينما نلاحظ إنتشار كثيف لشقف الفخار المحلي على سفوح الصخور
قلعة جمينة :
بنفس الموقع أين تنتشر الملاجىء الكهوفية ( جمينة ) توجد صخرة منيعة ومعزولة عن محيطها تماما ، لا يوجد فرق بينها وبين قلعة تيزقررين بجبل ششار حيث تنتهي هي أيضا بمساحة مسطحة بقمتها يبلغ طولها حوالي المئة متر وعرضها 50 متر ولا يمكن الصعود والنفوذ إليها إلا عن طريق شق طبيعي بداخلها يخترقها من الأسفل إلى الأعلى حتى بلوغ قمتها أين توجد آثار قلعة محلية ( تجمع سكني محصن)
- موقع بوتقان :
في نفس المنطقة دائما وبالضبط بالمكان المعروف باسم بوتقان أين يمكن ملاحظة آثار موقع اخر منيع وحصين بالمنحدر الشرقي لجبل أحمر خدو وهي عبارة عن مغارات منحوتة داخل الصخر ذات شكل دائري ومتوضعة فوق بعضها البعض ويبلغ إرتفاعها حوالي ( 1.5 م/2م ) وقطرها 2 متر كذلك .
3- موقع تابنطوط :
وبناحية خنقة لاخرة ، غرب منطقة جمينة وبالموقع المعروف بإسم تابنطوط مازالت آثار قلعة بربرية في غاية المناعة بحيث تشد الإنتباه إليها وذلك من خلال موقعها الحصين جدا فهي مبنية فوق صخرة منتصبة على إرتفاع حوالي 200متر وقد تهدم الجسر الذي كان يربط الصخرة بالصخرة التي تقابلها من الجهة الغربية على بعد حوالي 10متر . مما جعلها بعيدة ومحمية عن الأيدي المخربة ، فاحتفضت هذه القلعة بكامل سورها الحصين وجدرانها الداخلية ، ويمكن ملاحظة هندستها المحلية جيدا وبنوع من التدقيق .
ملاحظات ميدانية عامة ( الخلاصة ) :
- أختيرت كل المواقع المذكورة سابقا إعتبارا لإستراتجيتها الدفاعية ( مناعتها وحصانتها الطبيعية ) سواء بالنسبة للملاجىء الكهوفية التي تشيد بمنتصف الصخور المنتصبة أو بالنسبة للقلاع المحصنة بالمساحات المسطحة والمستوية على قمم الصخور المزولة والمنيعة .
تكون هذه المواقع دائما بالقرب من المجاري المائية فضلا على إمتلاكها لأحواض منحوتة بالصخرة لتخزين المياه ( تيزقررين ) أو توفرها على ابار جوفية بالقرب منها ( كونترو ) مع العلم بأن هاتين القلعتن تبعدان عن واد بني بربار بمسافة حوالي 3 كلم عكس موقع جمينة الذي يقع بمحاذات واد مسرور مباشرة .
أما امخططاتها الهندسية فما عدا موقع بوتقان الذي يخرج عن تنميط مخططات المواقع الأخرى حيث نحتت العديد من المغامرات ( الملاجىء ) داخل الصخرة فقد لاحظنا بأن المواقع الأخرى ( الملاجىء الكهوفية والقلاع الحصينة ) تتشكل من بنايات، روعي فيها طبيعة الصخور التي شيدت بداخل أخاديدها ( طبقاتها المجوفة ) ، أو بقممها. وهي في كلتى الحالتين عبارة عن سكنات ذات طابع محلي متراصة ومستندة إلى بعضها البعض . بالإضافة إلى ملاحظتنا لبعض التشيدات الصغيرة والمعزولة عن القلاع ربما تكون أبراجا للحراسة والمراقبة مثلما هو الحال في قلعة تابنطوط ، أو برج تيزقررين الذي شيد بأعلى نقطة للصخرة .
- وللإشارة فإن موقع تيزقررين هو الموقع الوحيد الذي تتواجد به قرية ( تجمع سكني محلي ) بأسفل صخرة القلعة .
- وقد لاحظنا بأن معظم هذه المواقع تتواجد بالقرب من مواقع آثار رومانية ، بالإضافة إلى إنتشار الفخار الروماني والمحلي بها وبالمناطق المجاورة لها بصورة كثيفة جدا .
- وبالنسبة للمواد والتقنيات المستعملة في بناء هذه المواقع الدفاعية فإن الملاحظة الأولى هي استعمال المواد الطبيعية المتوفرة بالمنطقة نفسها من الحجارة الحثية أو الكلسية ، بأشكالها الطبيعية أ, المنحوتة نسبيا . إلى جانب استعمال كذلك قطع خشبية لجذوع الأشجار خاصة العرعار الذي يتوفر بكثرة بالمرتفعات الجبلية حيث أستعملت كقاعدة أو أرضية بالملاجىء الكهوفية وكحواجز لتفريق مستويات طوابقها بالإضافة إلى استعمال الحجارة المتعددة الأضلاع والمنحوتة نوع ما ، في بناء أسس جدران بنايات قرية تيزقررين وكذلك في بناء أسوار القلاع الحصينة وأسس بناياتها الداخلية التي تتركز مباشرة على الأسوار فضلا على إستعمالها بجوانب الساحة والأنهج ( قرية وقلعة تيزقررين )
- أما فيما يتعلق بتقنيات البناء فتتمثل أساسا في رصف عادي للحجارة لبصغيرة أو الضخمة ، يربط بين الفراغات التي تتخللها بواسطة مادة لاحمة وطينية ، والشيء الملاحظ أن الخجارة الضخمة ، لم تستعمل في بناء جدران بنايات الملاجىء الكهوفية هذه الأخيرة التي لاحظنا بأنها بنيت على طول تجاويف الصخور ، حيث يفصل بيت مختلف وحداتها السكنية بواسطة جدران عرضية ، بالإضافة إلى توفرها على فتحات وشرفات صغيرة الأبعاد .
- ويمكن اضافة ملاحظة أخيرة هي إمكانية إحتضان بعض المواقع الدفاعية لعدد هائل من الاجئين اليها، نظرا لمساحتها الشاسعة .
- وتواجد المقابر البربرية بالقرب من هذه المواقع ، خاصة تلك المنتشرة بمنطقة جنوب سلسلة جبل أحمر خدو .

1 comment:

Anonymous said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال رائع لكن ما هو اصل البربر هل هم شعب مستقل ام انهم منحدرون من قبائل اخرى وما هو موطنهم الاصلي كل هذه الاسئلة في الحقيقة اجوبتها او اراء عنها مختلفة خصوصا في جذورهم الاصلية. ان امكنك اعطني اجابة مقنعة وواضحة لتملا الفراغ الذي يبحث عن نقطة ضوء تعطي اشارة لظهور حقيقة لطالما بحثنا عنها خصوصا نحن الشاوية الذين يقوقون اننا بربر وشكرا لك هذا ايميلي ان امكنك الاجابة عن ولو سؤال واحد bestgirl12@live.com

© 2006-2012 Awal_nu_Shawi